لغة العبريين :
لقد هجر إبراهيم عليه السلام قومه ، ونفر منهم ومضي ومن تبعه مهاجراً إلى الله ، وقد قطع إبراهيم ومن تبعه في رحلتهم من " أور الكلدانيين " ، " جنوب العراق " إلى أرض كنعان لعدة سنوات وكانت تصحبهم دوابهم وأنعامهم وكان عليهم أن يستقروا في كل مكان يجدون فيه الكلأ " العشب " والماء ، ولو وجدوا مكانا يتوافر فيه الكلأ والماء وكان سهلاً خصباً مُريحاً لاستقروا فيه وما مضوا في الأرض سعياً وراءها كحياة البدو والرحل .ويري كثير من الباحثين أن إبراهيم عليه السلام ورهطه عبر سنين السير هذه قد اقتبسوا الكثير من اللغة ومفرداتها من الأمم والشعوب والقبائل التي مروا بها ولما وصلوا إلى أرض كنعان ( فلسطين ) كانت اللغة التي يتكلمون بها عبارة عن لهجة آرامية أقرب إلى العربية .ولكن العبرانيين كانوا ينطقون هذه اللهجة متأثرين بقواعدهم ونحوهم ومفرداتهم اللغوية ، وقد اصطلح على تسمية هذه اللغة " اللغة العبرية " ولم يبدأ للغة العبرية استقلال إلا حوالي ( سنة 1400 ق.م) وأول النصوص المعروفة بهذه اللغة يرجع إلى ( سنة 1200 ق.م ) وقد ماتت هذه اللغة حوالي ( سنة 200 ق.م ) فعمرها لا يزيد عن ألف سنة . ([1])
ويلاحظ أن اللغة العبرية عندما انقرضت كلغة للتخاطب لدي بني إسرائيل ، بقيت حيناً يستخدمها الكهنة في الكتابات الدينية أما لغة التخاطب بينهم فقد أصبحت اللغة الآرامية التي انتشرت في سوريا والعراق وفلسطين وغيرها ، وبعد فترة حلت اللغة الآرامية محل اللغة العبرية في الكتابة أيضاً . ولكن اللغة اليونانية سرعان ما زاحمت اللغة الآرامية في الحديث والكتابة ، وقد كتُبت أسفار العهد الجديد باللغة اليونانية إلا إنجيل متى فقد كتب باللغة الآرامية ثم ترجم إلى اللغة اليونانية . ([2])
إحياء اللغة العبرية وجعلها اللغة الرسمية :
لقد جعلت الصهيونية الخطوة الأولي ، عقب إعلانها حركة " عشاق صهيون " . ([3]) فقد حددت لها مفاهيم محددة منها جعل اللغة العبرية هي اللغة الرسمية للجماعة اليهودية والصهيونية وعليه فكل من اعتنق فكرة الصهيونية عليه أن يبادر بتعلم وتكلم اللغة العبرية دون إبطاء .
ويقول " شختر" إن اللغة العبرية هي الخزانة التي أودعنا فيها كل نفيس من حياة بني إسرائيل الروحية ولولاها لفصلنا من الشجرة الكبرى التي هي بمثابة الحياة للمتصلين بها . إن اليهود الإغريقيين هم الطائفة الوحيدة المعروفة في التاريخ بمحاولتها هذه التجربة للتخلص من اللغة العبرية وقد خاب فألها وانتهت إلى الهلاك . . صارت في طريق الاضمحلال وأخيراً ارتدت جُملة عن الدين اليهودي ، فلنتجنب مغالطة أنفسنا ليس هناك أي مستقبل لليهود الذين يقاومون اللغة العبرية . ([4])
لغة خاصة باليهود في المنفي :
عندما أراد بعض اليهود في المنفي أن تكون لهم لغة خاصة بهم يتميزون بها عن أهل البلد الذي يقيمون فيه فإنهم لم يختاروا العبرية وإنما استخدموا لغة "اليديش Yiddish " في ألمانيا ومعظم دول شرق أوربا . ولغة " اللادينو Ladino " في أسبانيا ثم بعض مناطق شمال أفريقيا " عقب طرد اليهود مع العرب المسلمين من الأندلس ( عام 1492 م ) " .
وهاتان اللغتان هما أساساً أوربيتان ، وحتى عند إحياء اللغة العبرية مع تقدم الدعوة الصهيونية ، احتاج الأمر إلى جهود خاصة لتبسيط هذه اللغة المندثرة حتى يمكن تداولها كلغة عصرية وحتى الآن ما زالت أحدث قواميس اللغة العبرية تعتمد على المعاجم التي وضعها اليهودي الروسي " إيلي عازر بن يهوذا " في أوائل القرن العشرين أكثر مما تعتمد على اللغة العبرية التي كان يتداولها يهود فلسطين قبل استيلاء الرومان على القدس وتدميرها ( عام 70 م ) وبدء تشتت اليهود في شتي أرجاء المعمورة . ([5])
أريدها لغة يتكلمها الجميع بما فيهم اللصوص والمومسات :-
عندما اعترض رجال الدين اليهودي على اتجاه " إيلي عاذر بن يهوذا –' “ إلى تغيير قواعد ومفردات اللغة العبرية واتهموه بأنه يسيء إلى قدسية هذه اللغة التي يتكلم بها أنبياء بني إسرائيل ، ولكنه رد عليهم قائلاً :-
" أريد لهذه العبرية الحديثة أن تكون لغة التداول الشعبية وأن يتكلمها الجميع بما فيهم اللصوص والمومسات ". ([6])
**********************************************************************
([1]) د / فؤاد حسين – التوراة صـــ 11 – 12 .
([2]) د / على عبد الواحد – الأسفار المقدسة صـــ 11 ، 13 .
([3]) عشاق صهيون نسبه إلى جبل صهيون في فلسطين الذي أقام داود فيه ملكه .
([4]) من الفكر اليهودي صـــ 17 .
([5]) عن صحيفة الأهرام القاهرية في 25 / 5 / 2001 صـــ 39 Alliance Israelite interationale عن كتاب جديد " منظمة التحالف الإسرائيلي العالمي " .
([6]) عن صحيفة الأهرام القاهرية في 25 / 5 / 2001 صــــــ 39 عن كتاب جديد " منظمة التحالف الإسرائيلي العالمي Alliance Israelite interationale
