الدكتور/ محمد عبد الحليم الجبيصي ... المحامي ... ماجستير في القانون ... دكتوراه في القانون الجنائي ... والمستشار القانوني للشركات ورجال الاعمال ... 0102563799

الانبياء الملائكة الحبيب المصطفي الله ربي

الاثنين، 28 ديسمبر 2009

ضرب غزة والإستراتيجية الأمريكية في المنطقة

إن ما يحدث في غزة علي مدار هذه الأيام من قتل وتدمير هو تطبيق لإستراتيجية أمريكا وإسرائيل في المنطقة للقضاء علي كل من يرفع شعار المقاومة ويقاوم بالفعل ويخطأ كل الخطأ من يظن أن هذه المجزرة الإسرائيلية لأهل غزة بسبب صواريخ حماس الهزيلة ومن ثم فلا غرابة في موقف أمريكا وتصريحاتها المشينة والتي تتعارض مع كل المواثيق والأعراف الدولية ، ولن تكون غزة هي الأخيرة كما لم تكن لبنان هي الأخيرة من قبل وبالتكهن البسيط نستطيع أن نعرف علي من تدور الدائرة وذلك بعد الوقوف علي ضرب غزة البند الثاني للإستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية للشرق الأوسط الجديد ، والموسع .



لقد اعتمدت بعض دول الغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل خطة الرئيس الأمريكي السابق نيكسون للشرق الأوسط وهو بالفعل مفكر استراتيجي بارع .. ، وتتلخص خطته المعتمدة حسب قوله :


(( إن لنا هدفين عاجلين في الشرق الأوسط : النفط وإسرائيل )) ..



وعليه فسوف يظل الشرق الأوسط واقع تحت تأثير هذين الهدفين حتى يتحققا ، ومن ثم فالمطلوب من الشرق الأوسط أن يقدم بتروله ، وأن يقدم الضمانات الكافية وزيادة لضمان آمن وحماية إسرائيل وتمكينها من السيطرة والهيمنة علي المنطقة تحت مظلة العباءة الأمريكية من خلال التطبيع حتى يتمكنوا من السيطرة علي ثروات هذه المنطقة ومنطقة الهلال الخصيب بتحقيق الهدفين دفعة واحدة فالبترول الذي قال عنه جورج بوش الأب من قبل :


(( يجب أن نعيد رسم خارطة البترول التي رسمها الله خطأ في الشرق الأوسط إلي مسارها الصحيح –– حاش لله)) ..



من قبل وهو ما أقدمت السياسة الأمريكية بالسيطرة عليه بالقواعد العسكرية منذ حرب الخليج الثانية وأتاحت لها أحداث 11 سبتمبر 2001 السيطرة والهيمنة علي بترول العراق التي كانت خارج السرب بعد احتلالها في مارس 2003 لتسيطر أمريكا علي مخزون 570 عام من النفط ، وبترول بحر قزوين بسيطرتها علي أفغانستان من قبل ، ولتصبح بعدها المسيطرة علي البترول و السيادة في العالم من خلاله ولتقف دول العالم علي أبواب أمريكا في انتظار حصة من البترول وسعر ، بعد أن بلغ سعر البرميل أكثر من 100 دولاراً في حينها ، والذي تجاوز حاجز 160 دوومن ثم صارت الاستراتيجية الأمريكية علي ضرورة السيطرة علي بترول الشرق الأوسط حتى لا يمكن أن يستخدمه العرب كسلاح كما حدث لاراً فيما بعد ، فشكلت منهم الحلفاء علي أفغانستان والعراق لمحاربة الإرهابيين - المسلمين – وبسيطرة أمريكا علي البترول لم يبق لها إلا أن تسترد ثمن البترول الذي تم شراءه من قبل وثمن البترول الذي يباع اليوم وسيباع غداً ، وذلك بعد أن تكدست أمواله في الدول الغربية وأمريكا بشكل مخيف ومذهل بحيث بات مخيفا ومرهبا علي ميزان القوي الاقتصادية ومستقبل المال والاقتصاد والتنمية ، لو استطاع العرب استخدام تلك الأموال الطائلة في تقدمها وتنميتها ونهضتها وهذا ما حذرت منه إسرائيل بشدة ..


وكانت خطة اللوبي الصهيوني واليمين الأمريكي المتطرف علي النحو التالي :


أولاً ..


يجب امتصاص هذه الأموال الطائله بصفقات أسلحة ضخمة لا تقدم ولا تؤخر ولا تتناسب مع تكنولوجيا السلاح المتطور اليوم ولا تؤثر علي ميزان القوي في المنطقة ، ويتم ذلك بأسلوب الترهيب وإشهار سلاح الديمقراطية والإيحاء لهم بأن تطور وتقدم إيران يمثل الخطر الأول عليهم وأن لها أطماع فارسية في المنطقة والإيعاز إليهم أن إسرائيل ليست عدوهم كما يتصورون خطأ .. فصار العرب أكثر دول العالم استيراداً للسلاح وأضيف إليه مؤخرا بعد الأزمة المالية الأمريكية ، يجب حل الأزمة من خلاله.


ثانياً ..


كما يجب استنزاف أموال البترول في المنطقة من خلال مشروعات كبيرة وحديثة ترُضي الحكام والشعوب وتشعرهم بأنهم ليسوا أقل من إيران المتطورة وتجعل الجميع كما لو كانوا أمام مشاريع قومية كبيرة وتتلخص هذه المشروعات في بناء وإقامة محطات لإنتاج الطاقة النووية وقواعد عسكرية وأسلحة ، وتنقسم كعكتها بين الدول الغربية ولاسيما الشريك الفرنسي ، و اسند المفاعل النووي الإماراتي إلي فرنسا ، والتي أبرمت بعدها صفقة أسلحة بمقدار 9 مليار دولار مع الولايات المتحدة الأمريكية..


ثالثاً ..


بناء المزيد من القواعد العسكرية في المنطقة مثل القواعد العسكرية العراقية بأموال البترول العراقي ، وبناء القاعدة العسكرية الفرنسية في الأمارات والتي قال عنها الرئيس الفرنسي ساركوزي أنها إشارة إلي من يهمه الأمر !!


رابعاً ..


أما عن إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية لأمن وحماية إسرائيل فإنها تتلخص في إقامة دولة فلسطينية بلا سيادة تكون وظيفتها الأساسية حماية المصالح وتأمين الطموحات الإسرائيلية واعتبروا هذا هو أقصي سقف للطموحات والحلم الفلسطيني واعتبار ذلك هو الإطار الذي يحكم السياسة الأمريكية في المنطقة وأن هذه هي خطة الطريق الحقيقية .. ولا مانع من أن يحكم السنة أو الشيعة في أي مكان في المنطقة ولكن بشرط التخلي عن عداءهم لإسرائيل وتبني أسلوب المقاومة .


وبالتالي يجب القضاء علي الإرهابيين – الإسلاميين – وذلك بتقسيم المسلمين إلي معتدلين ومتشددين والمطلوب من المعتدلين أن يقضوا علي المتشددين ويجب أن نجعل الإعلام الغربي يساعده الإعلام الشرقي الموالي للغرب والمدفوع الأجر في تشويه المتشددين ، وبالتالي وجب علي فتح المعتدلة أن تقضي علي حماس المتشددة ووضعت لها الولايات المتحدة خارطة طريق للوصول إلي هذا الهدف وجعلت بندة الأول فتح المعابر وفك الحصار وتقديم المعونات وطلبت من البعض التصدي لحزب الله في لبنان ، وجعلت الهدف الأكبر المطلوب من معظم المنطقة هو مواجهة إيران العدو الأول للخليج حسب رأي السياسة الأمريكية ، وعلينا نحن العرب أن نصدقها ويجهز بعضنا علي بعض لتجهز هي علي البقية الباقية منا كما فعلت تماماً مع الهنود الحمر ..



بقلم /
عبد الحليم الجبيصي
باحث وكاتب